قصة منامية لأحد أئمة الطائفة الرفاعية
وبمناسبة ادعائهم رؤية النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام -كما سبق- وأيضاً بمناسبة العلم اللدنِّي؛ أنقل قصة عن أحد أئمَّة الرفاعية، ومشايخها الكبار، الذين أخذوا عن أحمد الرفاعي مؤسس هذه الطريقة، كما أوردها صاحب كتاب طي السجل، نقرأ قصة إلباس الخرقة للشيخ علي الأحور، كما نقلها هذا الرجل، يقول مؤلف كتاب طي السجل: '' وهنا نذكر تيمُّناً قصة إلباس الخرقة للشيخ الجليل علي الأحور شيخ السيد علي الأهدل، مِن يد حضرة القطب الأعظم السيد الكبير أحمد الرفاعي رضي الله عنه، بأمر النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال الإمام العلامة أبو بكر الأنَّصاري في عقود اللآلئ حين ترجم للعارف الأحور ما نصه:
شيخ الشيوخ، الإمام العارف بالله، الشيخ علي الأحور بن أحمد -.. الخ النسب- أخذ في بداية أمره عن الشيخ العارف بالله عبد القادر الجيلي -يعني: الجيلاني- قدس الله سرَّه، رأى بـ " أسعر " من بلاد الجزيرة سنة ستين وخمسمائة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال: يا رسول الله دلني على أحب مشايخ الوقت إليك، وأحبهم طريقة عندك لأتمسك به؟ قال عليه الصلاة والسلام: يا علي أحب مشايخ الوقت إليَّ، وأرضاهم عندي طريقة: طريقة ولدي السيد أحمد الرفاعي صاحب أم عبيدة -وأم عبيدة بلدة في جنوب العراق في البطائح التي كان يعيش فيها الرفاعي- قلت: يا رسول الله وكذلك هو -يعنى: هو أفضل المشايخ- قال: وكذلك هو، رغماً على أنفك وضحك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى بدت نواجذه، قال الأحور: فانتبهت خائفاً، مرعوباً، وقمت على قدم الإخلاص راجعاً أكر إلى أم عبيدة، فلما دخلتُ على سيدي إمام القوم، تاج الطائفة، السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه، وطلبتُ منه الخرقة؛ فقال لي: أنا وأخي عبد القادر والفقراء كلهم واحد فالزم شيخك!!! ''.
أيها الإخوة: انظروا إلى تقسيمات الصوفية، هؤلاء هم الذين يفرقون الأمَّة، هذا يتبع هذا الشيخ، وهذا يتبع هذا، ولا يجوز لهذا أن يأخذ من هذا، ولا هذا يأخذ من هذا؛ فكأن المسألة شركات، ومساومات، ويحصل بينهم الغضب الشديد على أن طالباً أخذه هذا من هذا!
فـالرفاعي يقول: '' الزم شيخك، قلت: لي معك خلوة، قال: فليكن، قال: فلما خلوتُ به، قلت: بالله أسألك مَن أرضى المشايخ طريقةً اليوم وأحبهم عند رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال -أي الرفاعي-: مَن يقال ذلك بشأنه على رغم أنفك ''يعني: نفسه.
يقول: -يعني: أحمد الرفاعي- يدَّعي علم الغيب، ويدَّعي أنه عرف الرؤيا، وأن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما قال لهذا المريد: "على رغم أنفك" -يعني: الرفاعي- فـالرفاعي عنده خبر بهذا الكلام، ولذلك يقول للمريد: أفضلهم مَن قيل في حقه على "رغم أنفك"، يقول هذا المريد الأحور: '' فأغشي عليَّ من هيبته؛ فأجلسني بيديه، وتواضع لي كل التواضع، وقال: يا مبارك أنت لا تعرف الملاطفة، طيب خاطرك! قلت: لا برحتُ إلا بخرقتك، قال: لا جعلني الله ممن يفرق بين الفقراء، ويفضل نفسه عليهم، اصبر هنا برهة يسيرة، ويقضي الله خيراً، قال: فمكثتُ سنَةً كاملةً لا أتجرأ على ذكر شيءٍ مما أنا فيه، وقد جاء شهر ربيع الآخر وفي أول ليلة منه رأيتُ الرسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأنا في زاوية من زوايا "الرواق"، فطرحتُ نفسي على قدميه، وقلت: يا رسول الله، في الليل تشرفني برؤيتك بـ"أسعر"، وأنا أنتظر أن يسلكني ولدك السيد أحمد الرفاعي.
(هذا من رفاعة ويقول: ولدك) على طريقتك المباركة فتبسم عليه الصلاة والسلام، وقال: يا علي.. نادى أحمد، فجاء سيدي أحمد الرفاعي خاشعاً متواضعاً، فقبَّل يد النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ووقف أمامه، وقال عليه الصلاة والسلام: يا ولدي سلِّك الشيخ على طريقتك، وألبسه الخرقة! فقال: روحي لك الفداء يا حبيبي، عليك من ربك أفضل الصلاة والسلام، أنت تعرف أنني لا أحب التفرقة بين فقراء الوقت، وقصْد الجميع أنت بعد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -أي يقول: أنا لا أريد أن أعتدي على الشيخ عبد القادر الجيلاني ، كلُّنا واحد، وأنت مقصد الجميع- فقال: كذلك، ولكن أنت شيخ الوقت، شيخ الفقراء كلهم، فافعل ما آمرك به، فقبَّل الأرض بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: السمع والطاعة لك يا رسول الله ''.
يقول هذا المسمَّى الأحور: '' فانتبهتُ فرحاً مسروراً، فأحسْنت الوضوء، وصليتُ ما تيسَّر، ودخلتُ جامع "الرواق" لأداء صلاة الصبح مع الجماعة، فرآني سيدي قبل دخولي باب المسجد، فأخذ بيدي، وضمَّني إليه، وأجلسني على بارية هناك، وأخذ عليَّ العهد، وألبسني الخرقة، وقال: هذه لك مِن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فالبسْها مباركةً إن شاء الله تعالى '' معنى هذا: أن الرفاعي يعلم الغيب، عرف الرؤيا، وعرف ما قاله الرسول -بزعمهم-للأحور!!-.
قال: '' وفي اليوم الثامن من ربيع الآخر توفي الشيخ عبد القادر الجيلاني -رحمه الله- في بغداد '' ... إلى آخره.
أي: أنه ألْبسه الخرقة، فتوفي عبد القادر -شيخه الأول- فكان أحمد الرفاعي هو الشيخ البديل.
نقول: هذا نموذج مِن نماذج كثيرة جدّاً نعرف بها ادَّعاؤهم بهذا العلم اللدنِّي، مع تعلقهم بالرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ادَّعوا أنَّهم يحبونه وما قصدهم، وهدفهم إلا ما ذكرنا.